أثبت علماء الفيزياء النظرية بمعهد لايدن أن طريقة ودرجة طي الحمض النووي
داخل النواة تحدد
صفاتنا الوراثية كما تحددها الأكواد التى يحملها الحمض النووي نفسه
بدأ فهمنا للحمض النووي عندما تعرف واطسون وكريك على تركيبهِ لأول مرة
عام 1953، حيث كشفا حينها عن تركيبه اللولبي المزدوج الذي يتألف من تتابعات من القواعد
النيتروجينية، وهي: الجوانين والأدينين والثيامين والسيتوزين (G, A,T & C) كما كشفا أيضًا عن مسؤولية ترتيب هذه القواعد عن تحديد صفاتنا الوراثية
حيث يؤدي نسخ وترجمة تتابعات معينة منها لتعطي أنواعًا بعينها من البروتينات،
التي تدخل في تركيب جزءًا معينًا من أجسامنا فتُكسبنا صفة معينة، كلون العين البُني
مثلًا. تمتلك كل خلايا الجسم نفس النسخة من تتابعات الحمض النووى، إلا أنها لا تنتج
نفس أنواع البروتينات
تحتوي كل خلية من خلايانا على ما يبلغ طوله مترين من جزيئات الحمض النووي،
ولكي تتمكن نواة الخلية الواحدة من احتوائها لابد أن يتم طيها بإحكام، لتشغل ما يقرب
من 5 ميكرومتر بدلًا من مترين، وإذا تكلمنا عن كل ما تحويه خلايا الفرد من حمض نووى،
فدعونا نتخيل خيطًا طويلًا يضاهي في طوله ملعبَيّْ كرة قدم، والذى يُطوى ثم يُطوى حتى
ينحصر في مساحةٍ صغيرة تساوي موضع سن القلم
تؤثر طريقة طي الحمض النووي ودرجته على نسخ وترجمة تتابعاته، ومن ثم إنتاج
ما تحتاجه الخلية من بروتينات. وتختلف طريقة الطي من عضوٍ لآخر، مما يُمكن كل عضو من
أعضائنا من إنتاج ما يحتاجه من البروتينات دون الحاجة إلى إنتاج جميع الأنواع الأخرى
فمن التتابعات ما يُطوى حتى يصعب على الإنزيمات الناسخة أن تصل إليه، ومنها
ما يكون مُعرضًا لها حتى تتمكن من نسخه طبقًا لاحتياجات كل عضو. إن الأمر يشبه إمساكك
بقطعة من الورق، وطيها بأشكالٍ مختلفة
سادت هذه الافتراضات منذ منتصف الثمانينات حتى أثبتها هيلموت شيسل ومجموعة
من الباحثين من خلال دراستهم التي استعانوا فيها بنوعين من فطريات الخميرة
والتي استطاعوا من خلالها إثبات تأثر نسخ وترجمة الحمض النووي
ليس فقط بما على أشرطته من أكواد ولكن أيضًا بخصائصه الفيزيائية كدرجة وطريقة طيه،
أو أي خاصية فيزيائية أخرى تؤثر على وصول الإنزيمات الناسخة إليه
Enregistrer un commentaire