samedi 3 septembre 2016

دور الكائنات الدقيقة في التكنولوجيا الحيوية



تقتصر معرفة الكثير منا بالدور الذي تلعبه الكائنات الدقيقة في حياتنا على الجانب الضار، ممثلاً في قدرة بعض الأنواع من الفطريات والبكتيريا والفيروسات و أحياناً الطحالب على تلويث طعامنا بالسموم أو إصابة أجسادنا بالعدوى. وقد تمتد معرفة البعض إلي جزء ضئيل من الجانب المفيد مثل المضادات الحيوية والخمائر، بينما لا يعرف الكثير أن الجانب الضار هو جزء محدود من طيف واسع من القدرات الميكروبية والتي يتم استخدام الكثير منها، والعمل على تطويرها من أجل تطبيقات مفيدة للإنسان


لا تستخف أبداً بقدرة الميكروب ذلك ما قاله جاكسون فوستر عالم الأحياء الدقيقة في جامعة تكساس ورائد من رواد الميكروبيولوجيا الصناعية والمشارك في تطوير استخدام البنسلين المضاد الحيوي الأول لأغراض علاجية ، وقد برهن الزمن على كلماته إلي حد كبير، إذ أصبح تسخير الكائنات الدقيقة في العمل من أجل إنتاج مواد مفيدة للإنسان أو القيام بتكسير مواد أخرى ذات عبء بيئي اتجاها ً هاما ً في أبحاث التكنولوجيا الحيوية 

ما هي المميزات التي تقدمها الكائنات الدقيقة عن الطرق الكيميائية التقليدية

في كثير من المجالات كالوقود والغذاء والمعالجة البيولوجية، يظهر استخدام الكائنات الدقيقة كبديل الطرق تقليدية، فما الذي يجعل الإنسان يستغني عن الطرق التقليدية لصالح التقنيات الحيوية الجديدة

يرى أرنولد دومان 1927 عالم الأحياء الدقيقة والأستاذ السابق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة وأحد رواد الميكروبيولوجيا الصناعية المعاصرين –  أن هناك عدة خصائص تتميز بها الكائنات الدقيقة في منافستها للطرق التقليدية في التطبيقات النافعة للإنسان، منها 

المدى الواسع من التفاعلات الحيوية التي تستطيع الكائنات الدقيقة القيام به 

زيادة نسبة مساحة السطح بالنسبة للحجم، مما يسهل ويسرع من امتصاص المغذيات والتي تدخل في التفاعلات لاحقا

القدرة على التأقلم في مدى واسع من البيئات ودرجات الحرارة وظروف النمو

سهولة المعالجة الوراثية بهدف زيادة الإنتاجية أو الجودة للمنتج المرغوب

في السطور القادمة نمر مرورا ً سريعا ً على العديد من تطبيقات التكنولوجيا الحيوية الميكروبية في مجالات مختلفة، بهدف إعطاء صورة عامة عن جانب من دور تلك الكائنات; مجهول للكثيرين، وقد نتناول أهمها بالتفصيل في مقالات لاحقة في نفس السلسلة
ويمكن تلخيص دور الكائنات الدقيقة في إنتاج الأطعمة بإحدى وسيلتين

إحداث تغيير في كيمياء الطعام عن طريق إضافة أنواع معينة من الميكروبات أو مواد معينة تنتجها الميكروبات إليه. ويشمل ذلك استخدام الخميرة لإنتاج المشروبات الكحولية، واستخدام أنواع معينة من الفطريات أو الإنزيمات التي تنتجها لإنتاج الأجبان المختلفة ، وإنتاج الخل عن طريق التخمر الكحولي

استخدام الكتلة الحيوية التي تتكون من الكائنات الدقيقة أحادية الخلية أو المواد التي تنتجها كطعام، مثل انتاج البروتين فيما يُعرف بإسم البروتين أحادي الخلية single cell protein or SCP ، و مثال علي ذلك البروتينات و بعض أنواع الفيتامينات التي يمكن إنتاجها بإستخدام بعض أنواع الخمائر و الطحالب2. و جدير بالذكر أن البروتينات أحادية الخلية قد تم استخدامها كمصدر لطعام الجنود في الحرب العالمية الأولى لمواجهه النقص الحاد في الغذاء

المجال الطبي والعلاجي

تشمل المواد ذات أصل ميكروبي التي تدخل في تطبيقات للعناية بالصحة: المضادات الحيوية، والفيتامينات، والهرمونات، واللقاحات. وقد كان اكتشاف البنسلين من أحد أنواع فطر البنسليوم لأول مرة سنة 1928 كمادة قادرة على تثبيط نمو البكتيريا هو الذي فتح الباب وشجع العلماء على استكشاف قدرات أخرى لأنواع أخرى من الفطريات والبكتيريا. ومن جهة أخرى عمل البعض على زيادة قدرات الميكروبات المستكشفة عن طريق توفير الظروف المثلى للنمو أو عن طريق المعالجة الوراثية. و من أهم الأمثلة في ذلك المجال هو زيادة إنتاجية فطر البنسليوم للمضاد الحيوي البنسلين من 5 ملجرام/لتر إلي 60000 ملجرام/لتر، و كذلك إنتاج هرمون الإنسلوين البشري بكميات كبيرة عن طريق إستخدام تكنولوجيا الحمض النووي مُعاد الإتحاد DNA recombinant technology  لإدخال الجين البشري المسؤل عن إنتاج الهرمون إلي بكتيريا E. coli، و من ثم توفير الظروف المُثلي لنمو البكتيريا بداخل مفاعلات حيوية عملاقة

إنتاج الوقود الحيوي

الوقود الحيوي هو وقود يتم إنتاجه من خلال تحليل و تحويل الكائنات الدقيقة للمواد العضوية حديثة التكوين – وليست قديمة ومطمورة تحت الأرض كما في حالة الوقود الحفري – .في الجيل الأول من الوقود الحيويإستخدم الإنسان مصادرغذائه (مثل قصب السكر والقمح والزيوت الغذائية) لتوفير حاجته من الوقود كالإيثانول و الديزل الحيويفي الجيل الثاني من الوقود الحيوي يستخدم الإنسان  المخلفات الزرعية والتي ليس لها قيم إقتصادية كبيرة (مثل السيلولوز الذي يمثل الجزء الأكبر من المخلفات الزراعية :قش الأرز، وقش الذرة ، ومخلفات إنتاج و صناعة قصب السكر) في إنتاج الوقود الذي يستخدم في تسيير المركبات وتدوير الآلات3. تعتبر البرازيل من الدول الرائدة في ذلك المجال. أما في الجيلين الثالث و الرابع من الوقود الحيوي، إتجهت الأبحاث الصناعية إلي إستخدام الكتلة الحيوية للكائنات الدقيقة ذاتية التغذية (كالطحالب و بعض الأنواع البكتيرية) أو ما ينتج عنها من مركبات كمصدر مباشر للوقود، دون الحاجة إلي منتجات أو مخلفات زراعية

إنتاج البلاستيك الحيوي

البلاستيك الحيوي هو البلاستيك الذي يتم إنتاجه بواسطة الميكروبات ويمكن تكسيره بسهولة عن طريقها، على عكس أنواع البلاستيك التقليدية التي تمثل عبئاً على البيئة نظرا لصعوبة تحللها طبيعياً، مما يستلزم حرقها وإطلاق السموم وثاني أكسيد الكربون للتخلص منها. ومن جهة أخرى، فإن مصادر الوقود الأحفوري – المصدر الأساسي لتصنيع أنواع البلاستيك المختلفة – في تضاؤل مما يجعل من إيجاد مصدر بديل مسألة ملحة. ولذلك، فإن هناك توجها عالميا لتشجيع إنتاج البلاستيك القابل للتكسير الحيوي، وعلى سبيل المثال فقد فرضت بعض الدول الأوربية وأمريكا واليابان تشريعات لتشجيع استخدام هذه الأنواع من البلاستيك على حساب الأنواع التقليدية

إن هذه الكائنات الصغيرة طالما أدهشتنا، ومادمنا نضعها أمام أعيننا عندما نبحث عن حلول لمشاكلنا، فإنها لن تتوقف عن إدهاشنا

About the Author

Unknown

Author & Editor

Has laoreet percipitur ad. Vide interesset in mei, no his legimus verterem. Et nostrum imperdiet appellantur usu, mnesarchum referrentur id vim.

Enregistrer un commentaire

 
Knowledge © 2015 - Blogger Templates Designed by Templateism.com